
!الحكاية مش حكاية أكل
“أنا شخصيًا ما عنديش أعماق، ولو كان عندي أعماق ما اخبيش فيها رغبة مكبوتة، أخبي رغبة مطبوخة… رغبة مشوية… رغبة محمرة“
“صلاح” في فيلم “صغيرة على الحب” واللي قام بدوره الفنان نور الدمرداش، لخص وجهة نظر المصريين في الأكل وأهميته عندهم، وترتيبه في سلم الأولويات، يعني إنت لو مضايق أول حاجة أي حد هيقترحها عليك إنك تاكل أكلة حلوة، لو روحت لمامتك زعلان هتقولك سيبك من الدنيا كلها، وتقوم تجهزلك الأكل اللي بتحبه، لو بتحب واحدة وزعلانة منك ممكن تصالحها بأكلتها المفضلة، كلنا في مصر لو جوانا أعماق، فهي فعلًا هتكون أعماق مطبوخة، ومشوية، .ومحمرة
عشان كدة عندنا قاموس خاص بينا لحالة كل أكلة، “قرديحي أو أُرديحي” لو من غير لحمة، “طبيخ” مشتقة من من حروف مطبخ عشان تدل على أي خضار أو حبوب تتطبخ بالصلصلة، “مسبك” لو بصلصة سميكة، “العجالي”، “اللباني”، و”الشامورت”..إلخ، على جانب تاني أكتر الأكلات اللي مشهور بيها المصريين واللي أخدت ختمهم وتسميتهم، أصلها مش مصري، والمصري منها، بدايته ماكانتش تدل على المكانة اللي هيوصلها، زي أي نجم كبير في أول مشواره!
أكل غامق
الملوخية اللي اسمها هو تطور لـ”ملوكية” لأنها كانت الأكلة اللي بتتقدم للملوك، أصلها كان عشب بيعتقد القدماء المصريين إنه سام، لحد ما جه الهكسوس وأجبروهم ياكلوا منه عشان يموتوا، فاكتشفوا إنه أكلة شهية، اتحولت لأيقونة مصرية لحد دلوقتي.
المسقعة، يُقال إن أصلها تركي أو يوناني، وفي اليونان اسمها “موساكا”، وفي مصر هي مسقعة من الصقيع، لأنها بتتاكل باردة.
كفتة داوود كان لها نفس البداية غير المبشرة زي الملوخية، وأصلها إن السلطان العثماني داوود باشا طلب من طباخه صنف جديد، فعمله الكفتة وما عجبتهوش، فعاقب الخادم!
رمضان كريم!
الكنافة والقطايف أشهر وأهم حلويات رمضان، لكل واحدة فيهم قصة مختلفة، الكنافة مرتبطة برمضان من أول اختراعها، وبيقال إنها أكلة اتعملت لمعاوية بن أبي سفيان عشان ياكلها في السحور ومايحسش بالجوع، أما القطايف ففي اختلاف على العصر اللي بترجعله بالظبط، لكن الفكرة إنها كانت فطيرة كبيرة بالمكسرات، واتعملت عشان الناس “تقطف” منها، واتطورت وبقة القطايف.
ملوك الأُرديحي
الكشري، أشهر أكلة وريحة مصرية، أصله هندي، بيرجع لوقت الحرب العالمية الأولى، ومجي الهنود مع الجنود البريطانيين، وكان عندهم أكلة بتتكون من رز وعدس اسمها “كوتشري”، اتحولت عندنا لكشري بمحتويات أكتر، وبيُقال إن الرحالة ابن بطوطة كان أول حد يسميه كشري.
الفلافل أو الطعمية، أول من اخترعها كان الأقباط، كأكلة بديلة عن اللحمة في أوقات الصيام، والاسم “فا”، “لا”، “فل” معناه ذات الفول الكتير، لأنها في مصر بتتكون من فول مطحون، بخلاف بلاد الشام والسودان اللي بتتعمل فيها بالحمص المطحون، وأحيانًا بتتعمل بالاتنين مع بعض.
أكل اللمة
الفتة من أشهر الأكلات المصرية والعربية بشكل عام، خصوصًا في المناسبات اللي بيبقى فيها أعداد ناس كتير، الفتة كانت من الأكلات المهمة عند قدماء المصريين، وكانت عبارة عن عيش وشوربة، أو عيش ولبن.
الفطير المشلتت، أصله عند قدماء المصريين الفطير الملتوت، وهو أكلة لها قيمة كبيرة، لأن كل عناصرها مكلفة، زي السمنة والدقيق والعسل، عشان كدة كانت بتتقدم قرابين للألهة، وبتتحط للمتوفيين في المقابر، عشان ياكلوه في العالم الأخر.
حلويات شرقية/عثمانية
.البقلاوة، اخترعتها “بقلاوة” زوجة خليفة عثماني عشان خاطر جوزها، واتسمت على اسمها
البسبوسة، أصلها كمان عثماني، واسمها اتبنى على عملية “بس” الدقيق مع السمنة عشان يختلطوا ببعض، وهي خطوة أساسية في صناعتها.
حلاوة الانتقام
صعب تصدق إن أكلة مسالمة زي أم علي، تنفع تحلية، وتسد جوعك وتشبعك في وقت زنقة، إنها كانت أكلة احتفالية وزعتها زوجة عز الدين أيبك الأولى-أم علي- بعد ما قتلت شجرة الدر!
بعد قتل “أيبك”، حاولت شجرة الدر الاستيلاء على الحكم لنفسها مرة تانية، واتقال إن هي اللي قتلته عشان الهدف دة، لكن “أم علي” منعتها من الوصول لهدفها وانتقمت لجوزها.
في الأخر كل حكاية سواء كانت بسيطة ومتوقعة، أو ملحمية ومفاجأة، فبيجمع بينهم، إنهم اتغطوا تمامًا بالثقافة المصرية، وكل أكلة أصبحت حاجة جديدة بتفاصيل مصرية خالصة، صنعت معاها عادات وتقاليد وذكريات لكل واحد فينا.