
مذكرات زيكا: صراع البقاء للأطعم
منذ بداية الخليقة وفيه صراعات سرمدية ملهاش نهاية بين الخير والشر…
الأهلي والزمالك، باتمان والچوكر…
بس أسوأهم وأخطرهم هو الصراع بين أكل ماما وأكل الشارع!
محدش عارف المشكلة بدأت فين أو امتى أو ازاي… خليني أسرح معاك بخيالي وأقول ان الصراع ده ممكن يكون بدأ منذ فجر التاريخ والإنسانية، فتخيّل معايا كده عزيزي القارئ الأم في زمن إنسان الكهف، لمّا ابنها الكهفاوي الصغير يسرح ويحوم ويتجول حول الكهف فيلاقي نبات بري مثلًا طارح في حتة فيبدأ يأكل منه وينبسط، فأمه تقفشه وتشعر بالحسرة والغدر في نفس الوقت فتعلن التحدي على الطبيعة وتزرعله النبات البري ده داخل الكهف تحت إشرافها ورعايتها وتبدأ تجوّد عليه وتضيف له تتبيلتها الخاصة… مُزعِمة إنه نبات أجمل من اللي حتأكله بره!
،،
اسمحلي أوضِّح لك عزيزي القارئ موقفي ورأيي المتواضع تجاه هذا الصراع الأبدي ونحاول نوصل سوا لإجابة على السؤال الكوني بتاع النهاردة… هل أكل ماما أحلى ولّا أكل الشارع أحلى؟؟!
في البداية أحب أرسل كل حبي وامتناني واعتزازي لكل أم بتقف تطبخ بكل حب لعيلتها وأحبائها، شكرًا ليكي ولنَفَسِك في الطبخ ولحِلَلِك وطاساتك وطشّاتك…
والاجابة على سؤالي اللي فوق، فطبعًا أكل ماما أحلى، وأنضف وأفيّد من أكل الشارع!
-ده في حالة إن الأم بتعرف تطبخ ونَفَسها حلو، لكن لو ماكنتش بتعرف تطبخ فلا عزاء لك عزيزي القارئ وأجارك الله في مصيبتك-
لكـــن…….
لأجل الاعتراف وانصاف الحق، فيه أكلات معينة مهما بتتعمل في البيت بأفضل المكونات، مبنعرفش نأكلها ونستمتع بيها بجد إلا من الشارع.
متعرفش بقى هل مثلًا التلوث والعفانة جزء من الوصفة والمكونات السحرية للأكلات دي ولّا ايه بالظبط…
١- الكشري المصري… بجماله وعدسه مصري، والخل جواه بيسري. “مستوحاة من تتر بكار”
الكشري المصري الحقيقة من الأكلات الرئيسيّة اللي مهما حاول المجلس الأعلى للأمهات إنهم يعملوها في البيت بتفشل… أو بشكل أوضح، مش بتكون في نفس حلاوتها لما تأكلها من برّه.
الكشري معمول عشان يتآكل من الشارع في الطبق الاستانلس ده أو في العلبة البلاستيك الرخيصة… غير كده ميتآكلش!!
٢- الكبدة… الكبدة… الكبدة.
وطبعًا قصدي هنا الكبدة الاسكندراني ذات الرائحة النفّاذة اللي بتنفذ لقلبك وعقلك. وهنا السبب واضح ليه بنحبها من الشارع أكتر من البيت، لأن ببساطة عنصر المغامرة في إنك تأكلها من الشارع دون علم مصدرها وكينونتها ودون النظر للزيت اللي بتتعمل فيه وكل هذا وأكثر بيضيف لساندوتش الكبدة اللي بتضربه من الشارع طعم ومذاق خاص عُمر ما الام في البيت حتعرف توفّره لك.
٣- الكباب الكباب لا نخلِّي عيشتكم هباب!
الكباب والكفتة بطحينتهم وسلطاتهم والبقدونس اللي بيبقى تحتهم ده… مهما الأمهات حاولت تعملهولنا في البيت -للأسف- مبتحسش بنفس اللذة المصاحبة ليهم لما بتأكلهم عند أي حاتي برّة البيت.
٤- الفول… الفطار الأصلي للمواطن المصري.
طبق الفول اللي ماما بتعمله الصبح من دواعم الأمن والأمان طبعًا في الحياة، بس برده يظل الفول اللي بتضربه من على العربية في الشارع له مذاقه وسحره الخاص… تحبيشته والعيش اللي على العربية، والعلاقة الوطيدة العتيدة اللي بينك وبين الراجل اللي على العربية… كل ده وأكتر بيشكّل صباح عظيم جميل يتميّز بطابع مصري أصيل.
5- الفطير… لأجل ما عقلك يطير.
ودي حالة محسومة وقضية مقفولة… للأسف أمهاتنا العزيزات الغاليات خسرانين في هذه القضية، الفطير مكانه الأول والأخير هو فطاطري الشارع!
أرجوكي عزيزتي الأم المصرية في حالة إنك كنتِ بتقرأي المقال ده- متحاوليش تعملي فطير في البيت واطلبوه من أي فطاطري برّه وكلوا وافرحوا كلكم ومش لازم تحصل حروب أهلية في البيت.
،،
وعشان أجيبلكم من الآخر الصراع الأزلي بين أكل ماما وبين أكل الشارع مش بينتهي، وبنسبة كبيرة مش حنوصل لهدنة… ماما أكلها الأعظم لأنه معمول بحب، وأكل الشارع لا يخلو من حِسّ المغامرة ومتعة ما وراء المجهول حيث إننا منعرفش أي تفاصيل عن أصوله ولا مكوناته.
ففي النهاية إحنا كعشاق للأكل حنستمتع بالأفضل في كلا العالمين بدون ما نسعى لحسم الصراع ده ومن غير ما ندخل في تفاصيل مش حتوّصلنا لحاجة… فإحنا نأكل وننبسط وخلاص! 😂
،،
دُمتم شبعانين ومبسوطين
زيكا.